لا تبك من أجل غزة –بل ابك على نفسك

Sharing is caring!

بسم الله الرحمن الرحيم

أطفال غزة الموتى يُحفظون في أجهزة تبريد للآيس كريم: تحذر الأمم المتحدة من أن نصف مليون شخص أصبحوا بلا مأوى الآن، وأن الإمدادات الطبية تنفد والمشرحة تفيض بالجثث

هذا هو عنوان من صحيفة ديلي ميل البريطانية،  ليس في عام 2023 بل هذا العنوان من عام 2014

علينا أن نسأل أنفسنا، كيف تتكرر هذه المجازر والفظائع؟ وقد وقعت من قبل في البوسنة وكشمير وصبرا وشاتيلا والعراق وأفغانستان والسودان والصومال ومنطقة الأويغور في الصين، وما إلى ذلك من مناطق أخرى

بفضل روابط الأخوة التي تجمعنا قد ننخرط بشكل كامل في الأنشطة التي نعتقد أنها ستساعد إخواننا في فلسطين، ومع ذلك، فإن هذه الأنشطة غالبًا ما تقدم حلاً جزئيًا، لكنها لا يمكنها  أن تضع حلاً للوضع بشكل شامل – للأسف هناك تقاعس كبير عن القيام بالواجب سواء بسبب الجهل أو الجبن

في الوقت الذي قام  الغرب بتوطين الصهاينةفي فلسطين لتحتلنا جسديًا وتكون نقطة تسلل للغرب في منطقة الشرق الأوسط – تركوا أيضاً في بلادنا خلفهم إرثاً استعمارياً أكثر غدرًا وهو الدولة الوطنية وأيديولوجية القومية بعد تدمير الدولة العثمانية

 هل ينفع التبرع بالصدقات؟ ما هي فائدة الصدقات في مواجهة الصواريخ والدبابات والقوات الاحتلالية؟ تتعامل التبرعات مع آثار العنف عن طريق تقديم الدعم للضحايا وتخفيف مشاكلهم الفورية  -هذا إذا سمحت الظروف بوصول التبرعات إليهم، وهذا غير ممكن حاليًا بسبب الحصار على غزة. إن التبرع بالصدقات يعتبر عمل نبيلاً بحد ذاته ومع ذلك فإنه لا يتعامل مع الجذور الحقيقية للعنف –ألا وهواحتلال فلسطين من قبل مستوطنين فرضتهم بريطانيا بالقوة

هل يمكن أن يكون رفع مستوى الوعي في العالم حول الجرائم المرتكبة حلا؟ يمكن للعالم رؤية تلك الجرائم حيث تكون موجودة في وسائل الإعلام بمختلف أشكالها سواء الوسائل الإعلامية التقليدية أو البديلة أو وسائل التواصل الاجتماعي. تم تغطية جرائم سابقة من قبل وسائل الإعلام حين وقوعها تلك التي ارتكبت في لبنان أو البوسنة. ومع ذلك لم ينتج مثل هذا الوعي سوى زيادة الإدراك بأن الغرب سيحمي مصالحه بأي ثمن، وأن ما يُسمى “المجتمع الدولي” ليس سوى وسيلة  تحافظ بها  القوى الكبرى على مصالحها. هذا ليس امرا جديدًا – بل تكرر من رواندا إلى سربرينيتشا إلى العراق؛ إنه تاريخ طويل وموثق يشهد على فشل “المجتمع الدولي” في الحفاظ على الأرواح

التوجه نحو الغرب؟ – من أجل ماذا بالضبط؟ هل من أجل وقف فوري لإطلاق النار؟ من أجل توقف لغرض إنساني؟ إنها عين السذاجة أن يطلب الدعم او العون لحل قضايانا من أولئك الذين يمثلون دولًا أسسوا ودعموا ولديهم مصالح استراتيجية في الحفاظ على الكيان الصهيوني في الشرق الأوسط ….. بل فكرة التوجه هذه  إشارة أخرى إلى عجزنا وانخفاض هممنا

عندما يتحقق أي وقف لإطلاق النار، ونأمل أن يأتي في أقرب وقت ممكن للمساعدة في تخفيف الظلم الواقع على إخوتنا وأخواتنا، سيكون ذلك لإنقاذ القوات الصهيونية من المستنقع الذي وجدوا أنفسهم فيه خلال غزوهم البري لغزة – وستتكررالدورة بعد ذلك كما شهدنا في غياب حل دائم

لن يكون الحل أبدًا في أيدي الكفار او من قبل حكوماتهم أو مؤسساتهم؛ ومن يعتقد ذلك فإنه عمي عن الواقع على الأرض وعمي عما أظهر التاريخ لنا – وإما أنه جاهل أو مصاب بضعف  الايمان

فقد قال الله: وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق والله بما تعملون بصير

 و لقد رأينا إخوتنا في غزة و هم يستنصروننا – و نعلم جيدا أن الحل الوحيد هو الجهاد فى سبيل لله لتحرير فلسطين من ايدى المغتصبين

ترك المسلمين المستضعفين ليُسجنوا، ويتعرضوا للتعذيب، ويُذبحوا على يد أعدائنا لا يجوز شرعا، و طالما أن المسلمين  لازالوا مظلومين و الأرض ما زالت محتلة فتحريرها واجب على كل مسلم حتى يتم ازالة كيان المحتلين من الارض

وبينما ينادي إخوتنا وأخواتنا في غزة بالمساعدة – فإنه واجب علينا مساعدتهم قدر الإمكان- و لكن حتى الان لم يتحرك جندي واحد من بين أكثر من 4 ملايين جندي تمثل جيوش البلاد الإسلامية في العالم

ففى مصر – لم تقم بتحريك جيشها  ولم تقم بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع الحكومة الصهيونية – التي لا تجوز في الأصل.  فقد قال الله سبحانه: إنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَىٰ إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ

ولم تفتح حتى معبر رفح بشكل مناسب لتقديم المساعدة لدعم المتضررين من هذه الجرائم، بل إنها تواصل تعاونها مع القوات الاحتلال ضد المسلمين في فلسطين بفرض الحصار على غزة من جهة سيناء

و تركيا – ينطق رئيسها بعض الشعارات الرخيصة التي تُلقى في تجمعات الحكومة، ولكنها ايضا لم تقم بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع الحكومة الصهيونية ولا زالت تحتفظ بعلاقات عسكرية معها

و الأردن – تدين الفظائع من جهة، وتسمح في الوقت نفسه بإدخال معدات عسكرية أمريكية عبر حدودها

هذا هو النفاق الذي تمارسه حكومات البلاد الإسلامية، ويتكرر مثل ذلك في أي بلد منها تُختارأن تنظر فيه. أظهرت أحداث غزة مرة أخرى حقيقة هؤلاء الحكومات وهم منافقو العصر، وخونة لله ولرسوله ولأمة محمد صلى الله عليه وسلم

إذا لم تتحرك الحكومات الإسلامية – فعلى المسلمين أن يمارسوا أقصى ضغط عليها للتحرك، من النزول إلى الشوارع للمطالبة بتعبئتهم و الإضرابات العامة و حتى أي أعمال مدنية وسياسية أخرى من الجماهير والأشخاص ذوي التأثير مثل الشخصيات الإعلامية والأئمة وغيرهم

تقديم الصدقات والعمل لزيادة الوعي  على الجرائم الصهيونية – هذه كلها أفعال يجب أن نقوم بها في هذا الوقت للمساعدة في التخفيف الفوري للأزمة بأي وسيلة فعالة. ولكن هذه كلها  ليست كافية

إولى  الأولويات التي يجب أن يطلبها كل مسلم أينما كان – هو أن تقوم الجيوش الإسلامية في الدول المحيطة على الفور بالتحرك لتحرير إخوتنا وأخواتنا في فلسطين وتحرير المسجد الأقصى وإزالة الكيان الصهيوني من جذوره، والحمد لله.الفتوى الصادرة من اتحاد علماء المسلمين بعد 4 أسابيع من هذه المذبحةيرًا إلى هذه النقطة

نعلم أنه قد يكون تحيلاً أن تتحرك  جيوش المسلمين هذه ما دامت خاضعة للحكام وأنظمة الحكم الحالية. نعلم ذلك لأن الواقع هو أنها كيانات  وطنية من صنع  الكافر المستعمر الذي تركها خلفه  فهي يانات سياسية تدير البلاد الإسلامية وتحتفظ بالسيطرة على الجيوش. وكل دولة وطنية تسعى إلى حماية وتعزيز مصالحها الخاصة أو مصالح القوة الاستعمارية التي خلفتها وراءها. هذا هو السبب في أن مصر، على سبيل المثال، ترفض استقبال أي لاجئين من غزة – حيث ترى الحكومة أنهم يشكلون تهديدًا لأمنها الداخلي، وعبئاً إضافياً على دولتها. وان رئيس تركيا يتحدث كلمات جيدة، ولكنه يرى مصلحة اقتصادية وسياسية في التحالف مع الغرب والكيان الصهيوني

ويزداد هذا الموقف سوءاً  بتحويل قضية فلسطين من مسألة إسلامية إلى مسألة عربية ثم الى مسألة فلسطينية. فيتحدث الناس عن إقامة دولة فلسطينية بدلاً من تحرير الأرض الإسلامية من سلطة ظالمة

ثم ما هي المصلحة الوطنية لأي دولة وطنية أخرى للتدخل عسكريًا  ضد قوة نووية إقليمية مدعومة بقوة عالمية وبالغرب بأسره؟ فإن الحل  الإسلامي لا يمكن أن يتحقق عبر هذه الكيانات والوضع السائد حاليًا. وهذا هو أيضًا السبب في أن قادة الدول الوطنية الحاليين في الأراضي الإسلامية هم جميعًا خونة لقضية تحرير فلسطين الإسلامية

في الوقت الذي قام  الغرب بتوطين الصهاينةفي فلسطين لتحتلنا جسديًا وتكون نقطة تسلل للغرب في منطقة الشرق الأوسط – تركوا أيضاً في بلادنا خلفهم إرثاً استعمارياً أكثر غدرًا وهو الدولة الوطنية وأيديولوجية القومية بعد تدمير الدولة العثمانية

فعلينا  تحريرأنفسنا من هذه الأفكار الغريبة على الإسلام وعلى مفهومنا للوحدة الإسلامية، وعلينا رفض القومية بشكل كامل و رفض مظهر السياسي للقومية وهو الدولة الوطنية، ونختار بدلاً من ذلك الإسلام ومظهر السياسي للإسلام وهو الخلافة؛ وإلّا سنستمر في رؤية احتلال الأراضي الإسلامية وقمع المسلمين في جميع أنحاء العالم سواء في فلسطين أو الهند أو الصين أو في أماكن أخرى و سنستمر في الدوران من أزمة إلى أخرى، غير قادرين على حلها

لذلك، فإنه يتعين على كل مسلم يهتم بأمته و بإخوته وأخواته المظلومين أينما كانوا أن يدرك أن الله شرع الجهاد لتحرير المظلومين من الظلم وأن الجهاد لن يقوده الدولة الوطنية ولكنه يتطلب منا أن نتحد تحت سلطة واحدة تنفذ الإسلام وتمثل المسلمين

فأي شخص يحجم عن  الدعوة لهذا الأمر أو يهمله فقد أهمل واجبه في دعم إخوته وأخواته بكل ما تسمح به إمكانياته.  واما العلماء والأئمة والمفكرون ودعاة الإسلام فهم يتحملون مسؤولية أكبر في هذا الصدد، وإهمالهم هو بالتالي ترك لأكبر مسؤولية  وأهم أمانة في أعناقهم.

لا تبكوا على إخوتنا وأخواتنا الذين قتلوا في غزة – إنهم شهداء عند الله و ليس امواتا – وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ.

 وإنهم أفضل حالًا منك ومني وسيشهدون علينا او لنا يوم الحساب حسب محاولاتنا لانقاذهم

ابكوا على انفسنا –  الذين حتى الآن أثبتنا عدم القدرة وعدم الاستعداد للقيام بالتضحيات اللازمة لتغيير ظروفنا حتى نستطيع أداء ما شرع الله وأمرنا به

و نحن  قادرون  على الاستجابة لهذا النداء وتحقيق هذا التغيير داخل بلداننا بإرادة الله

نسأل الله أن يوقظنا من غفلتنا

أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم ۖ مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّىٰ يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ اللَّهِ ۗ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ

Leave a Reply