الأنظمةُ العربيةُ: القُبَّةُ الحديديَّةُ الحقيقيةُ لحمايةِ إسرائيلَ

Sharing is caring!

بسم الله الرحمن الرحيم

وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَٰذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا (النساء:٧٥)

بينما يُجَوَّعُ قطاعُ غزةَ تحت الحصارِ، ويُقصفُ من السماءِ، يشهدُ العالمُ إبادةً جماعيةً متواصلةً تُبَثُّ حيًّا ومباشرةً. ومع ذلك، لم تتحرّكْ جيوشُ المسلمين، ولا خرجتْ منها كتيبةٌ، ولا تقدّمتْ منها سريةٌ

تجتمعُ الأنظمةُ العربيةُ، وتُدين، وتدعو لضبطِ النفس، لكنها لا ترفعُ حصارًا، ولا تُخيفُ عدوا. حدودُها مغلقة، وأجواؤُها مفتوحةٌ لرحلاتِ شركةِ الطيرانِ الصهيونيةِ “إل عال”، وللمهامِّ الدبلوماسيةِ الإسرائيليةِ

معبرُ رفحَ مُغلق، وإسرائيلُ تُواصلُ مذابحَها بلا رادعٍ، بينما تشاركُ في موائدِ الإفطارِ مع أصدقائها في الخليج

هذا كله ليس عجزًا، بل سياسةٌ مرسومةٌ عن سابقِ إصرار

الأنظمةُ العربيةُ ليست صامتةً فحسب، بل متواطئة. وليست متفرجةً على جرائمِ الاحتلالِ، بل حاميةٌ لها، مانعةٌ عنْها العدوانَ. إنها في الحقيقةِ القُبَّةُ الحديديَّةُ لإسرائيل؛ تُحصِّنُها من غضبةِ الشعوب، وتُثبِّتُ هيمنتَها، وتفصلُها عن القوةِ الوحيدةِ القادرةِ على قلبِ المعادلة: قوَّةُ الأمةِ الإسلاميةِ إذا اجتمعتْ تحت رايةٍ شرعيةٍ تتبنّى الجهادَ سبيلًا للتحريرِ والنصر

فكلُّ دعوةٍ اليوم لا تنادي بتحرك الجيوش الى الجهادِ، هي تضييعٌ لفريضةٍ شرعية، وإعراضٌ عن حكمِ الله، وموالاةٌ لمن يحكمُ بغيرِ ما أنزلَ الله. وإن الحديثَ عن دبلوماسيةٍ أو هدنةٍ أو دولةٍ فلسطينيةٍ ضمن الأطرِ الاستعماريةِ، في وقتٍ يستغيثُ فيه إخوتُنا وأخواتُنا، لهو تزكيةٌ لبُنى الاستعمارِ التي شُيِّدت لخنقِهم

كل نظام يخرس صوت الداعين إلى الجهاد، ويزج بالمطالبين بالخلافة في السجون، ويتحالف مع من يسفك دماء أطفالنا – فهو نظام لا شرعية له، بل هو أداة طيعة في يد إسرائيل والغرب. إنهم حراس أوفياء لنظام استعماري فُرض علينا بعد سقوط الخلافة، غايته تمزيق الأمة، وتخديرها، وإخضاعها

لن تتحررَ فلسطينُ حتى تتحررَ الأمة. فليست غزةُ وحدَها المحاصَرة، بل العالمُ الإسلاميُّ بأسره، الأسيرُ داخلَ حدودِ سايكس-بيكو، تَحكمُه أنظمةٌ تخشى الغربَ وتُذعنُ لأوامره. وإنَّ التحريرَ سيبدأُ يومَ يُزالُ هؤلاء الحكامُ، وتُستعادُ السيادةُ الإسلاميةُ الواحدةُ على منهاجِ النبوةِ. وما لم تُدرِكِ الأمةُ أنها لا تزالُ مُستعبدة، فلن تقدرَ على تحريرِ إخوانِها في فلسطين

لن تتحررَ الأمةُ حتى تبلغَ من الاستعدادِ للتضحيةِ ما بلغَه أهلُ غزةَ في صبرِهم وثباتِهم – نعم، ذلك يعني بذلَ المالِ والنفسِ في سبيلِ الله. فلا نصرَ بلا تضحية. قال رسولُ الله ﷺ

أفضلُ الجهادِ كلمةُ حقٍّ عندَ سلطانٍ جائر (رواه أحمد)

الحمدُ للهِ الذي أيقظَ بعضَ العلماء، فبدأوا يؤدّونَ هذا الواجب. قد دعَوا إلى تحركِ الجيوشِ، ولو بغيرِ إذنِ أولئك القادةِ الخونة

والسؤالُ الحقيقيُّ الذي يهربُ منه الجميعُ هو: إذا كان القادةُ هم العائقُ أمام تحركِ الجيوش، فما هو واجبُ المخلصين من أبناءِ الأمة، ومن قادتِها في الجيوش، وعلمائِها، وصفوتِها؟ النتيجةُ الوحيدةُ: أن إزالةَ العائقِ تصبحُ ضرورةً، وأن الدعوةَ إلى ذلك واجبةٌ، علنيةٌ، لا تُخشى فيها لومةُ لائم

وعلى الأمةِ أن تنهضَ بنفسِها، وتدفعَ علماءَها ومفكريها وقادتَها إلى تبنّي هذا الطريقِ، وفضحِ خيانةِ الأنظمة، وبيانِ وجوبِ التحررِ من نظامِ سايكس-بيكو

فكلُّ دعوةٍ لا تُنادِي الجُيوشَ إلى الجِهادِ، ولا تَدعو إلى إسقاطِ الحُكّامِ العُملاءِ المَوروثينَ من سايكس-بيكو، فهي تخلٍّ عن الواجبِ، وقَبولٌ بالخيانة

وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِير (الأنفال ٧٣)

لقد آنَ الأوانُ لنبذِ الخوفِ، والنفاقِ، والمساومة. آنَ الأوانُ لقولِ كلمةِ الحق، وللدعوةِ إلى الجهادِ تحتَ قيادةٍ شرعيةٍ راشدة، واقتلاعِ الأنظمةِ الخائنة، وهدمِ الحدودِ الاستعماريةِ التي تحمي الكيانَ الصهيوني، ولإقامةِ الخلافةِ على منهاجِ النبوة

وحينئذ تنهض الامة نهضة عز وكرامة، وتتحرر فلسطين تحريرا حقيقيا باذن الله

سَيِّدُ الشُّهَدَاءِ حَمْزَةُ، وَرَجُلٌ قَامَ إِلَى إِمَامٍ جَائِرٍ، فَأَمَرَهُ وَنَهَاهُ، فَقَتَلَهُ (رواه الحاكم)

د. رضا ابو لقمان فتح الله

One thought on “الأنظمةُ العربيةُ: القُبَّةُ الحديديَّةُ الحقيقيةُ لحمايةِ إسرائيلَ

  1. Pingback: The Arab Regimes: The True Iron Dome that Protects Israel | Prophetic Politics

Leave a Reply